عابر الظلال -الجزء الثاني: أصوات من الحائط

✦عابر الظلال -الجزء الثاني: أصوات من الحائط

بعد أيام من استيقاظه في المستشفى، عاد “مالك” إلى مكتبه، لكنه لم يكن كما كان. الأشياء لم تعد في مكانها، الهواء بدا أثقل، وحتى ظلال الأثاث كانت أطول مما يجب.
لم تكن نُهى هناك… اختفت كأنها لم تكن، و”ليلى” لم تسمع عنها شيئًا منذ تلك الليلة.

لكن شيئًا واحدًا كان بانتظاره على مكتبه.

جهاز تسجيل قديم، يعلوه الغبار، مع ورقة صغيرة كُتب عليها بخط “نُهى”:

“مالك… إذا استمعت لهذا الشريط، فاعلم أنني قد تجاوزت الباب. الأصوات التي ستسمعها حقيقية… لا تصدق عقلك.”

ضغط زر التشغيل…
في البداية، كان الشريط صامتًا، ثم بدأ يصدر طنينًا منخفضًا، يشبه همسات متقطعة. وفجأة، ظهرت كلمات غير مفهومة، بلغة غريبة، متكررة كأنها ترنيمة:

“أرواخ نُوال… تاذ غيم كا نَاتور…”

في لحظة ما، خُيّل له أن الجدران تنبض بالصوت. وفجأة، سمع صوته… نعم، صوته هو، يهمس:

“لم تغلق الباب، فقط أغلقت عينيك عنه.”

ارتجف قلبه، وأطفأ الشريط.

في نفس الليلة، زارته “ليلى” مجددًا. كانت مرعوبة، تحمل بيدها صورة ملتقطة من كاميرا مراقبة منزلها. في الصورة، كان هناك ظل بشري واقف عند باب غرفتها… لم يكن واضح الملامح، لكنه كان يملك عينًا واحدة في جبهته، تتوهج.

قالت له:

“إنه ليس أخي… لكنه يتصرف وكأنه يعرفني. يترك لي رموزًا في كل مكان، دوائر داخل مربعات، وبداخلها عين.”

قرر “مالك” أن يعود إلى منزل أخي ليلى مرة أخرى، لكن هذه المرة في الليل.

وهناك، في تلك الغرفة المغلقة، اكتشف خلف اللوحة الخشبية في الجدار فجوة صغيرة، بداخلها جهاز تسجيل آخر، مع دفتر صغير عنوانه: “سجلات العابرين”.

فتح الدفتر، فوجد قائمة طويلة بأسماء أشخاص، وبعضهم شُطِب اسمه، بجانبه كلمة واحدة:

“اندماج”

وفي الصفحة الأخيرة، كانت هناك رسالة:

“من يسمع أصوات الجدار، قد تجاوز بالفعل. لا تفتح الباب، لا تنظر في العين… لا تكن عابرًا آخر.”

لكن الأوان قد فات. فمع كل يوم، كان “مالك” يسمع المزيد من تلك الهمسات.
وفي الليلة التالية، بدأ الحائط في مكتبه يتنفس.
للمتابعه من الجزء الاول برجاء الضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top