عابر الظلال الجزء الرابع: مفتاح النسيان

عابر الظلال

✦ الجزء الرابع: مفتاح النسيان

في ممر المرايا، لم يعد “مالك” يميز بين الانعكاس والحقيقة. كل مرآة تعكس وجهًا مختلفًا له، لكن المشترك بينها كلها… كانت العين — تلك العين الغريبة على الجبهة، تفتح وتغلق، كأنها تنبض بالحياة.

أحد الانعكاسات اقترب من الزجاج، همس بصوت خافت كصدى:

“تريد أن تُغلق الباب؟ يجب أن تُغلق عقلك أولًا.”

في تلك اللحظة، سمع طرقًا في رأسه، كأن أحدهم يحاول الخروج من داخله. سقط على ركبتيه، والألم يمزقه، ثم سمع صوت “نُهى” مجددًا — ليس من حوله، بل من داخله.

“مالك… لقد تركتُ لك شيئًا، قبل عبوري. مفتاح النسيان… مخبأ في ذاكرتك التي محوتها.”

فجأة، تذكر… لحظة كان فيها طفلًا، يجلس في غرفة مظلمة، مع رجل عجوز يحمل كتابًا. قال له الرجل:

“هل تريد أن تنسى، يا مالك؟ النسيان ليس ضعفًا، إنه قفل.”

وأعطاه قلادة معدنية صغيرة، نقش عليها رمز غريب: دائرة بداخلها عين، مشطوبة بخط مائل.

استيقظ مالك من ذكراه، ليجد القلادة في يده.

في تلك اللحظة، بدأت المرايا من حوله تتشقق. كل مرآة كانت تحتوي على نسخة منه، وكل نسخة بدأت تهمس بكلمات مختلفة:

“أبقني…”
“أنا أقوى منك…”
“دعني أعبر…”
“دعنا نندمج…”

أغلق عينيه، ورفع القلادة، فتفتحت بوابة من النور أمامه. لكن لم يكن النور مريحًا — بل كأنه يحترق.

خطى داخل البوابة، ليجد نفسه في غرفة فارغة، بيضاء تمامًا. لا ظل، لا صوت، لا جدران.
وحده يقف أمام طفل صغير، يجلس على الأرض.
الطفل رفع رأسه، وقال:

“أنا مالك… اليوم الذي نسيت فيه، أنا من بقي هنا.”

أدرك أنه أمام نسخته الأولى، مالك الطفل، الذي عبَر أول مرة قبل كل شيء. كان هو من عقد الصفقة، هو من أدار وجهه عن النور، هو من فتح الباب أول مرة.

قال الطفل:

“لا يمكنك إغلاق ما فتحتَه أنت… إلا إن فقدت المفتاح الوحيد المتبقي…”

سأله مالك: “ما هو المفتاح؟”

رد الطفل ببساطة:

اسمك.


وهنا انتهت الغرفة البيضاء… بدأ كل شيء ينهار، كأن الذاكرة تُعيد تشكيل نفسها.

لكن هل سيختار مالك أن ينسى من هو بالكامل… ليغلق الباب إلى الأبد؟ لمتابعة باقي الاجزاء من هنا

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top